العالم التقني الى اين

العالم التقني الى اين

اليوم في غمرة التقنيات الحديثة و التطورات التقنية و العلمية منها التي نعرفها و نلمسها في حياتنا اليومية و منها التي لازلنا بعيدين كل البعد عنها، هناك حقيقة يجب الامعان بها و محاولة فهمها لكي نكون اقل ماأمكن جاهزين لتقبلها و يكون باستطعتنا توقع كيفية الاستفادة منها.


التراكمات التقنية البعيدة عن تداولنا تجعلنا ننظر بعين باهرة من جهة و استفهام ضائع من جهة اخرى الى كل هذا العالم التقني.


ربما الحدث العالمي الاخير متمثلا بفيروس كورونا و ما تلاه من احداث خير دليل على هذا الامر. حيث اثبتت الاحداث مدى صغر و ضعف البشرية رغم هذا الكم الهائل من التقنيات الحديثة.

بين معلوماتٍ مثل أحدث منتوجات شركة آبل و سامسونغ الى كولايدر تسريع الجزيئات الذرية و الكمبيوترات الكوانتية مرورا بمرسلات الاشارة القادرة على صنع العواصف الجوية مرورا بشبكات الاقمار الصناعية و حروب الاستيلاء على الفضاء يمكن للمرء بكل سهولة ان يضيع و يفقد تركيزه.

السؤال المهم حقيقة من كل هذا هو : ماذا يمكننا من كل هذا استثماره في خدمتنا المعيشية و الاستفادة المباشرة و غير المباشرة منه.


سؤال بسيط و سطحي و لكنه في الحقيقة كبير جدا لدرجة انه يمس كل اطراف الحياة و المجتمع.

يبدأ الموضوع عند البنية التحتية للانسان و المدن لينتهي بالسياسة و العلاقات الدولية، هكذا جمل و مفاهيم كبيرة تقف خلف الستار.

يكمن في الحقيقة حجر الاثاث في التطور التقني العلمي على خاصية الاعتماد على النفس و المقارنة بالغير للوصول السريع و الاقل تكلفة للمنتوج التقني و استثماره في خدمة الناس

لكي لايقتصر استخدام التقنيات العلمية الحديثة على الاتصال العادي بين الاشحاص بما يشمل ذلك وسائط التواصل الاجتماعي يجب الذهاب بعيدا قليلا في العمق للوصول الى اسس صناعات التقنيات و الظروف التي يجب تهيئتها للاستفادة المناسبة من كل شيء على الوجه الامثل. فاذا قمنا بتحديد الحديث عن تقنية شبكات الاتصال فإننا نضع يدنا على منبع من منابع النزيف كما يقال. لبناء هذه الشبكات يجب فتح الباب بثلاثة اتجاهات هي البنية التحتية لكابلات تواص الشبكة و البنية التحتية للاجهزة المستقدمة و الموارد البشرية التي يمكنها استخدام هذه الشبكات، الباب الثاني هو توفير امكانية الحصول على خطوط و سرعات للتواصل مع العالم الخارجي و هنا يأتي الدور السياسي و العلاقات الدولية في الموضوع، الباب الثالث هو مواكبة التقدم العلمي عبر الطاقة البشرية العلمية الموجودة في الدول الخارجية و ايضا تطوير التعليم الداخلي ليكون بمستوى العالم الخارجي ليمكن تواصل الاجيال العلمية مع بعضها ومع الخارج.


بالمرور بهذه الابواب الثلاثة و ليمكن تجسيدها واقعيا يجب تحديد مستلزمات كل باب و البدء بتوفير المستلزمات من خلال الطاقات المحلية، وهنا يكمن اكبر سر من اسرار التطور التقني للدول التي تعتبر من رموز التقدم العالمي. يتوجب توزيع المستلزمات حسب الاختصاصات و هنا نصل الى نقطة علاقة التطور باسلوب الادارة الداخلية للدولة و المجتمع، حيث يتبلور مفهوم او ما يسمى بمشارع اقتصادية او علمية. كذلك الحصول على سرعات تواصل مضمونة مع مزودين الكابلات الدولية للاشارة يتطلب وجود تواصل مع دول الجوار و ايجال حلول سياسية للمشاكل السياسية و العسكرية العالقة و هذا ايضا احد اسباب تفضيل الحلول السياسية على العسكرية منها و تفضيل التطور الاقتصادي و القوة المالية على العسكرية.


يكمن في الحقيقة حجر الاثاث في التطور التقني العلمي على خاصية الاعتماد على النفس و المقارنة بالغير للوصول السريع و الاقل تكلفة للمنتوج التقني و استثماره في خدمة الناس. المقارنة تعني النظر و التمعن و معرفة ما يملكه الغير و طريقة حلوله للمشاكل التي عبر منها، حيث اثبت التاريخ ان طريق التطور هو طريق واحد وواضح و المشاكل التي يتم مواجهتها هي عامة و ليست خاصة، فمثلا قلة الموارد و الامكانيات المالية و كذلك المشاكل السياسية الداخلية و الخارجية هي نفسها التي ارتطمت بحائطها كل الدول في طريق التطور، هنا يكمن سر آخر من اسرار التطور و هو انه لا يجب اعادة اختراع الدراجة بل يجب دراسة خبرة الغير و معرفة كيفية تجاوزهم لهذه العوائق، و تفوقهم عليها و دراسة ماهية الحلول التي امكنتهم من الصمود ضدد هذه العقبات بكل تفصيل صغير و كبير.


في الحقيقة التطور العلمي و التقني ذاهب الى حيث نحن ذاهبون و مدى استطاعة وصوله الى الابعاد هو مدى استطاعتنا ورغبتنا في تهيئة انفسنا للوصل الى ابعاد و مستويات اخرى من التطور ليس اكثر.