سألت معارضا سوريا معروفا

قبل عدة أيام سألت معارضا عربيا سوريا معروفا , قليلا من الاسئلة تتعلق بالوجود الكردي في سوريا.


يا ترى لماذا غاب المكون الكردي السوري عموماً من سياسة و برامج الاحزاب السورية غير الكردية*  ؟ قبل وبعد تشكل الدولة السورية حديثاً حتى أواسط السبعينات على أقل تقدير حسبما أظن , وإن بعض الظن ليس بذنب . أو عند سيطرة غلاة القومويين العرب على حكم سورية الحالية , سوريا الرسمية معروفة العاصمة والعلم والحدود والمشاريع الاستثنائية الهادفة لصهر الكرد في البوتقة العربية ؟

أسأل الكرد , قبل أن أسأل غيرهم , عن أسباب إنتشار خطاب الحقد والكراهية والطائفية أكثر مما قبل بين السوريين والمسؤولين عن ذلك من النخبة الفكرية أو الثقافية العربية والإسلامية وتعبيراتها السياسية الحالية في سوريا تجاه الكرد خاصة ؟

هل يعود السبب إلى الأعضاء الكرد المنتسبين إلى تلك الاحزاب أم الكرد غير المنتسبين إليها ؟ أم السبب في الاحزاب الكردية التي تاسست بدءاُ من اواسط الخمسينات وتكاثرت ثم تكاثرت حتى الآن ولا تزال ؟ إلى درجة أن يعتلي في آخر مآل ما سميت الثورة والمعارضة , قادة خرجوا من رحم قيادة ونخبة النظام نفسه يقولون عن الكرد ما لا يقبله المنطق والحضارة وعقل المواطنة والدين والجيرة والمصلحة المشتركة للمستقبل .


ما هي آفاق خروج السوريين من الكارثة السورية التي تتلاعب بها وتعمقها تضارب مصالح وسياسات الدول الاقليمية والدول الرئيسية في العالم ؟

بالطبع حسب رأيي , لم أحصل على أجوبة شافية تنم عن وعي سياسي وثقافي جديد متحرر من اسر أو مضمون خطاب وشعارات النظام الذي يريدون إسقاطه وعجزوا عن توفير بديل أفضل منه ولا عن تلك الاحزاب الموالية والمعارضة لذلك النظام ولا حتى عن خطاب الحزب الذي كان ينتمي إليه هذا المعارض ؟


حالة تكلس أم كمون ؟

يبدو أن العقلية المركزية باقية لاستيلاد الاستبداد والطغيان او تجديده ولو تتمقت هذه العقلية في الخطاب الفكري والسياسي بفعل الازمة الفظيعة في سوريا على مدى عشر سنوات أخيرة , بدليل عدم انبثاق اطار ثقافي او مهني أو سياسي جديد لا يجتر ما سبقه .

وسألت اسئلة اخرى من معارض كردي سوري معروف أيضا , من قبيل هل تستطيع الأحزاب الكردية في سوريا على القيام بتحول نوعي كي تلعب دورا في الحل السياسي لبناء سوريا جديدة للسوريين وليس لصالح قوى كردستانية خارج سوريا ؟


بالطبع حسب رأيي , لم احصل على اجوبة شافية تنم عن جرأة المبادرة وتوفر الامكانية لذلك التحول الثقافي والسياسي من قبل من هم متضررون من التناحر الكردي ـ الكردي والسوري ـ السوري . وهذا ينم عن عجز المبادرة والفعل بانتظار ما يرسمه الآخرون القريبون والبعيدون ومآلات توازن مصالحهم .


كأن التحولات الكمية في الواقعة السورية عامة , التي طالت النظام والمعارضة وما بينهما خاصة والكردية السورية على الأخص ,غير كافية للخروج من عنق هذه الزجاجة السورية المليئة بالدم والسواد والتي تقبض على خناقها وفوهتها الأيادي المعتاشة ليس فقط على ماضي وحاضر سوريا لا بل تجهد لأن تعتاش حتى على مستقبلها .


القضية صعبة جدا لكنها ليست مستحيلة

مراجعة بسيطة للتاريخ توصلنا ـ حسب رأيي ـ إلى استنتاج مفاده أن هذه المنطقة شهدت في تاريخها الضارب في القدم , امبراطوريات وحروباً واحداثاً مروعة كثيرة واجتياحات مدمرة , ومع ذلك زالت تلك الامبراطويات والحروب وطغاتها وازلامها واستمرت اضرارها وتبعاتها طويلا لكنها أصبحت جزءاً من التاريخ ,وبقي الانسان في هذه المنطقة كغيره ناهضا من جديدا وهذا التاريخ يتطلب اعادة النظر فيه بين فترة واخرى وخاصة مع تكرار أحداث وحالات مشابهة ,لاستخلاص العبر والدروس وابداع الحلول للحاضر والمستقبل .


من هنا استمد القناعة بأن الأوضاع الحالية لن تدوم والأجوبة الصعبة جدا ستجد أجوبتها في قادم الأيام أو السنوات فهي ليست عصية وليست مستحيلة . ومهمة مراجعة عوامل وأسباب ما جرى مؤخرا ستوصلنا إلى الاجوبة لمثل تلك الاسئلة .

نعم نستطيع استنباط الأجوبة من أجل التوصل لمخرجات وحلول

الاحداث التي جرت في سوريا وجوارها العراقي واللبناني والتركي .... خلال عقد أخير لا تزال معطياتها متوفرة في مختلف وسائل التواصل الاجتماعي ناهيك عن ملايين الشهود الأحياء وسيرَ أمواتهم , هؤلاء الذين عانوها دماءً ,افتقاداً أو رحيلاً واغتراباً , دماراً طال الأرض وما عليها . انتشروا ليس داخل سوريا وجوارها فقط وإنما في كل أصقاع العالم , إنها مواد عينية تكفي ليس فقط للتوثيق ولاستخلاص العبر والدروس وإنما أيضا لسوريين قادرين على البحث عن الحلول والمخارج وهي مهمة أصحاب الاختصاص والإمكانية العلمية والثقافية والمادية لإنجازها , وإن لم يكفينا كل هؤلاء , فمراكز البحث والدراسات والمنظمات المعنية وذات الشأن متوفرة وقادرة أكثر من اللازم كما يقال . صحيح أن السوريين فقدوا الكثير ودفعوا أبهظ التكاليف لما جرى ويجري في هذا العقد الأخير والأصح ألا يدفعوا ضحايا أكثر وسنوات ِ قادمة أخرى أطول بنفس الأسباب .


نعم لم تتوقف الحياة على الأقل لدى ملايين السورييين , حيثما يكونون حاليا وسيكونون في المستقبل , كما جرى لغيرهم من البشر على سطح المعمورة , فإرداة استمرار الحياة متوفرة ويجب أن تتوفر أكثر .


ولنصحح المقولة ( نستطيع استنباط المخرجات والحلول ) لتصبح ( نعم ممكن جدا استنباط المخرجات والحلول فلنقم بها ) واذا كانت مقولة الحتمية التاريخية صحيحة فإن لم تتوفر الإرادة اللازمة لذلك حتى الآن , فإنها حتما ستتوفر , وإذا كانت كذلك فلنوفر تلك الإرادة ولننتقل إلى المبادرة .

نجح بأن يكون كرديا في قناة عربية وإعلاميا لقناة عربية

مثال إعلامي:

ماذا قال الإعلامي العامل في قناة الحزيرة العربية المشهورة ؟

في برنامج (حديث المركز ) ( المقصود المركز الكردي للدراسات ) ** سأل الاعلامي نواف خليل بعض الاسئلة من ضيفه الاعلامي والروائي الكردي احمد الزاويتي في 13.01.2021 في بث مباشر تابعته على الفيسبوك , تدورحول تجربته الكتابية والفنية والاعلامية خاصة مع قناة الجزيرة في اقليم كردستان العراق وهو يحمل فكر الاتحاد الإسلامي الكردستاني ومن مؤلفاته ( دولة الجبل ) ( مهمة صعبة في كردستان ) ( رواية الهروب نحو القمة ) فكانت الجزيرة هي القناة العربية الأولى التي دخلت اقليم كردستان العراق وتجولت في عمق وجود قيادة حزب العمال الكردستاني ليصل الموضوع الكردي لمشاهدي شاشة عربية دون انحياز لجهة كردستانية ولا يكون منحازاً لعواطفه .

يجيب بأنه :


 نجح مهنيا محاولاً نقل الممكن من الحقيقة إلى مشاهدي الجزيرة , نجح بأن يكون كرديا في قناة عربية وإعلاميا لقناة عربية في كردستان ويضيف : لقد تمكنت دون دعم محلي أن أوصل قضية كردية لشاشة الجزيرة بلسان أصحابها وأن تتواجد قناة عربية غير مقبولة كرديا في الإقليم الكردي . نجح احمد الزاويتي ككردي رغم التشويه وعدم المهنية لدى أغلب القنوات التي تبث بالعربية تجاه القضية الكردية .

وعن الاعلام الكردي يقول ناقدا : هناك ثورة إعلامية في المجال الافقي أما عموديا أو نوعياً فهناك ضعف اعلامي كردي رغم وجود أكثر من ثمانية ألاف عضواً في نقابة صحفيي كردستان , فما هو الناتج من وراء هذا الكم الكبير من منتسبيها عدا عن غيرهم ؟

أين تأثير هؤلاء في الاعلام الآخر ؟ لقد وصل الاعلام الكردي المحلي تجاه الكرد إلى حد التخمة او ما فوق الاشباع , ثلاثين سنة يتحدث فيها الاعلام الكردي مع نفسه ( نتحدث مع انفسنا ) ولا يستيطع الحديث مع الآخر وهو إعلام حزبي كردي .


الواقع الحالي سيئ جداً والمسببون كثر كرداً وغير كرد والحاجة ضرورية لميثاق شرف كردي يترفع عن المستوى المتدن ِ أو الرديء من الحوار المتميز بالإتهام والسب والشتم و... .


ما الحل حسبما استنتجته من هذا الإعلامي ؟

نحتاج للتواصل بين الكرد , خاصة المثقفين والاعلاميين , بالحوار والنقاش في مختلف القضايا لنرتق ونتقدم .

من الممكن التحرر من الأطراف الحزبية أو إعلام الظل , نحتاج لإعلام كردي مستقل ناطق بالعربية , ناطق بالتركية , ناطق بالفارسية , ناطق بلغات أخرى .


المرحلة الأسهل : إرسال النخب الكردية للعمل في القنوات الناطقة بالعربية والتركية والفارسية ذات الجمهور الكبير .

المرحلة التالية : تأسيس قنوات كردية متطورة ناطقة بالعربية . لتصحيح الصورة بين العرب والكرد وكذلك بالنسبة للترك والفرس وغيرهم .

اخيرا أضيف (أنا ) من خلال هذا المثال : أن تستقبل القنوات الكردية النخب العربية وغيرها للعمل في مثل هذه الوسائل الإعلامية لرأب الصدوع ورتق الشقوق المفرقة بين هذه الشعوب المتداخلة في الثقافة والتاريخ والجغرافيا والمصالح .


هوامش :

  • *هناك استثناءات خجولة من الشيوعيين تماهت عملياً مع ممارسات الحكم القوموي العربي السوري حتى تشكلت رابطة العمل الشيوعي كان لها الاعتراف بالمكون الكردي .
  • **رابط المقابلة


أمين دردي