يتغير العالم بسرعة فائقة ولم يعد هناك مركز واحد أو قطب منفرد يقود العالم . لم يعد المحيط الاطلسي ـ او بتعبير آخر الحلف الاطلسي ـ وحده هو مركز العالم وقائده .
أذا نحينا قليلا عن الشرق الاوسط نحو روسيا وشرقها وإلى الشرق الافريقي وما جرى في شماله وما يجري على جانبي بحره الاحمر فهناك تغيرات كبيرة, وصولا إلى الشرق الآسيوي وما فيه تحولات و تحالفات وصراعات أخرى عظيمة في المحيط الهندي أيضا .
الساح الاسيوي بمحتواه الطبيعي بدءا من الخليج بين العرب والفرس نحو باكستان والهند وحتى الصين واليابان والكوريتين ووو .... وكل ما يمتلكه هذا الشرق من تحالفات تتكون و امكانات هائلة
تنمو وتعتمل باضطراد .
كل ذلك يدعونا نحن السوريون والكرد للبحث بذهنية جديدة , يدعونا لاهتمام فائق واستشفاف مستقبل ماحق اتمنى الا نلقاه قاتما أو على الاقل ألا نكون اكبر الخاسرين التاريخيين فيه .
ولو ان الاهتمام الاعلامي العالمي كان فائقا في تركيزه خلال شهرين آخيرين على التحول من عام 2020 الترامبي إلى عام 2021 البايدني في الولايات المتحدة الامريكية والذي كان عنوانه المختصر اقتحام انصار ترامب لمبنى الكونغريس في جلسته المعنية إجرائيا اصوليا, إلا أنه ليس أهم شيء في هذا العالم .
لا زال عقل وآمال النخبة ـ العامة ( المتناحرة في الغابات السورية والعراقية بشكل خاص ) معلق بالخارج ـ كلاعبين محليين جدا وصغار جدا أمام الاحداث الاقليمية والعالمية , عقول وقلوب معلقة بالدرجة الاولى بالتحول الجاري من الترامبية إلى البايدنية كتعبير عن العجز إزاء كبار اللاعبين الفاعلين في المصائر السورية والعراقية وحتى اللبنانية , بأحوالها الرهيبة المدماة وكأنها محكومة بقوانين الغاب بين الأنياب في وديان الذئاب والضباع والثعابين , تحت اقدام النموروالاسود المحليين وراياتهم و.... وتحت رعاية الدببة والفيلة الكبار, بين صراعاتهم وتفاهماتهم المدججة بزحمة حاملات النفط والغاز وأنابيهما وناقلات البضائع والمواد , مع الطائرات الحربية وحاملاتها والغواصات وشبكات الرادارات ومسارات الصواريخ في السماء والبحر , فيما على الارض الملطخة بالدم والنار والفتن يتحارب الوكلاء والدمى على مسرح الجرائم , وبين ذاك وتلك تتداخل شبكات الاستخبارات متنوعة المدى والتأثير .
بات استفحال الكوارث هو الثابت في شرقي المتوسط و بايدي أدوات طامحين محليين جدا , الصغار جدا , المجرمين الضحايا بنفس الوقت ,الغارقين في الذاتيات والانانيات الضيقة ,في المستنقع الآسن الكريه جدا كإقصائيين مرتهنين للغير,العابرين فوق القيم والاديان والقوانين لصالح مصالح الآخرين في العواصم القريبة والبعيدة , اما الانقلاب في الخنادق بين الحلفاء والأضداد , بين الاعداء ـ الاصدقاء فهوالمتحول والمتغير .
اقرب مثال زمني هووصول علاقات اسرائيل مع الدول العربية خاصة لوضع تاريخي غير مسبوق وبعده التصالح السعودي القطري فهل ممن يعتبر ؟
.
الملايين انتقلت من هذا الشرق الاوسطي إلى بلدان العالم وخاصة اوروبا وعلى الاخص المانيا سيكون لها فعل ودور سينعكس على اوطانها الاصل على المدى المنظور , نعم تغيرالعالم تفاعليا ورقميا ,لم يعد العالم كما كان , لم يعد الشرق الاوسط كما كان وقد آن أن يتغير الفكر والذهن ايضا لئلا يبقى كما كان .
والحل ليس هناك حصريا بين انقرة وطهران وما حولهما فلن تبقيا كما كانت تركيا وايران وغيرهما . الحل ؟ أنه هنا جدا بين ركام الدمار الشرق اوسطي حيث سينبثق البديل المأمول المنسجم مع العالم الجديد المتغير.
محمد دلي