أبرز مشكلات الشّباب في روج آفاي كوردستان والحلول الممكنة

أبرز مشكلات الشّباب في روج آفاي كوردستان والحلول الممكنة

تُعتبر مرحلة الشباب من أهمّ المراحل العمرية التي یمرّ بها الفرد، لأنّها المرحلة التي تتبع الطفولة وتنتهي بالشیخوخة حيث تتّصف هذه المرحلة بعدّة ممیّزات منها: الطاقة، والقوّة، والنشاط، والحيوية، فتتكوّن فیها شخصیة الفرد وتتبلور من خلال انخراطه في الحیاة العملیة، فیكتسب المعارف والمهارات التي تصقل شخصیته وتجعله قادراً علی مواجهة مصاعب الحیاة ومشقّاتها في المستقبل، فأيّ إهمال لهذه المرحلة فإنّنا نعرقل مسيرة التنمية في المجتمعات، ونضع العصي أمام عجلة الحاضر والمستقبل، لذلك لا بدّ من الاهتمام بهذه المرحلة وتقديم الاحتياجات اللازمة لها لتعبّر عن نفسها بشكل سليم ومتوازن ولتكون رافعة للفكر الحرّ الذي ينمّـي المجتمعات ويدفعها نحو المزيد من التقدُّم والازدهار.


لقد أحدث التطوّر التكنولوجي والثّورة الإعلامیة في السّنوات الأخیرة انقلاباً جذریاً في كافّة نواحي الحیاة وغیّرت الكثیر من المفاهیم والنُّظم السائدة في المجتمعات البشریة، وقد كانت ثورات الربیع العربي التي انطلقت من تونس إحدی أهمّ إرهاصات هذا الواقع الجدید، فقد أحدثت هذه الثورات متغیّرات اجتماعیّة أدّت إلی إحداث خلل حتّی علی مستوی الأسرة الواحدة الأمر الذي غیّر في شكل العلاقات الأسریّة والاجتماعیّة، وكانت شریحة الشباب من أكثر الشرائح التي تأثّرت بهذا التغیّرات لأنهم الطّاقة البشریة والحیویة الفاعلة في أي مجتمع، وبما أنّ المجتمع الكردي جزء من هذا العالم فهو الآخر لم یكن بمنأی عن هذه التحوّلات التي حصلت وتحصل.


فلو عُدنا إلی واقع الشباب في روج آفاي كوردستان الذي هو موضوع حدیثنا، نجد أنّ الواقع الجدید قد أحدث هزّات في القیم والمبادئ لدی الشباب، فالانتقال من الحیاة البسیطة والعقلیة الریفیة إلی مجتمع الآلة والتكنولوجیا لم یكن سهلاً فقد صادفتهم عوائق وعراقیل ومنغّصات كثیرة ولا زالت، وواجهتهم مشاكل نفسیة واجتماعیة جمّة، وظهرت لهم هموم ومشكلات كثیرة قد تكون ذاتیة، أو من جهة المجتمع، أو من جهة الدولة(السلطة الموجودة) كل ذلك جعل من الشباب في روج آفاي كردستان أن یعیش في حالة من الفوضی والاغتراب، فانعدم الشعور بالأمان ممّا دفع الأمر بالبعض منهم إلی البحث عن هویته في عالم جدید یشعر فیه بالأمان ویحقّق فیه ذاته وكینونته.


أهمّ المشكلات التي یعاني منها الشباب

إنّ الأحداث الجسام التي حصلت في روج آفاي كُردستان طیلة السنوات العشرة الماضیة من الأزمة السوریة، وما خاضه أبناؤها من حرب في مواجهة أعتی التنظیمات الإرهابیة علی مستوی العالم المتمثلة بـ داعش والنّصرة ومن یلفّ لفهما قد خلقت واقعاً جدیدأ امتدّ بتأثیراته إلی كلّ نواحي الحیاة الاجتماعیة والسیاسیة والاقتصادیة، وعلی اعتبار أنّ الشباب هم الشریحة الأكثر حیویة ونشاطاً في أيّ مجتمع، فكان لهذه الأحداث والتحوّلات الأثر البارز في حیاتهم وسلوكیاتهم ونمط حیاتهم وتفكیرهم، فمشاكل الشباب تكاد تكون في أغلبها واحدة وخاصة في منطقة الشرق الأوسط التي عانت طوال القرن الماضي وحتی الیوم من الاستعمار والحروب والأنظمة الاستبدادیة التي قولبت المجتمع وفق توجهات معینة لخدمة مصالحها والدفاع عنها، فالواقع الجدید بكلّ إرهاصاته ومفرزاته قد ولّد مفاجآت غیر متوقّعة علی المستوی الاجتماعي ولا سیّما جیل الشباب الذي لم یكن مهیَّأً لاستقباله ممّا خلق أعباء ومشكلات إضافیة للشباب، لذا نستطیع أن نجمّل أبرز المشكلات التي تواجه الشباب عامّة وبالأخصّ في روج آفاي كردستان، وهي:

  • المشاكل والخلافات بین الأطراف السیاسیة المختلفة وخاصّة بین ENKS و PYD والتي ألقت بظلالها علی المجتمع بكافة شرائحه ومنها جیل الشباب .
  • الفقر والبطالة والفراغ والذي دفع بالكثیر من الشباب إلی ترك الوطن نحو مستقبل مجهول. 
  • الخوف من المستقبل جرّاء الفوضی الموجودة وانعدام آفاق الحلّ السیاسي في سوریا والمنطقة في الوقت الحالي.
  • الحرب الدائرة وانعدام إيّ بادرة جدّیة لإنهائها لإحلال السلام والأمن والاستقرار.
  • الإحساس أو الشعور بالاغتراب، فقد تأثّر الشباب بالثقافة الغربية من خلال وسائل الإعلام المختلفة وخاصة التواصل الاجتماعي في ظلّ عدم وجود إعلام محلّي حقیقي مهني توجّههم وتنمّي لدیهم قيم الأصالة والتمسّك والانتماء.
  • قلّة النوادي والمراكز الترفیهیة والتثقیفیة التي تهتمّ بميولاتهم واتجاهاتهم لتسدّ حاجاتهم ورغباتهم.
  • الجلوس في المقاهي والإدمان علی شرب الأركیلة.
  • الفوضی وعدم إدراك قیمة الوقت.
  • انحلال القیم الأخلاقیة بسبب غیاب دور الإرشاد والتوجیه في المجتمع في ظلّ انعدام الرقابة علی البرامج الهابطة والأفلام الإباحیة.
  • فقدانهم الثقة بمن حولهم وإحساسهم بعدم أهمیة دورهم في المجتمع.
  • إجبارهم علی القیام بأعمال ومهمّات لا یرغبون بها كالعسكرة أو التجنید الإجباري من قبل السلطة الموجودة.
  • حرمان أغلب الشباب من متابعة أو إكمال تعلیمهم في المعاهد والجامعات كما كانوا یطمحون وشعورهم بضیاع مستقبلهم وعدم وجود ما یستحقّ للعمل من أجله بعد الفوضی التي حلّت بالبلاد.


undefined


بعض الحلول للحدّ من مشكلات الشباب

  • تهيئة البیئة المناسبة للشباب لإثبات وجودهم في كافّة مجالات الحیاة العلمية والاجتماعیة والسیاسیة بعیداً عن أجواء المشاحنات والخلافات السیاسیة. 
  • تعلیمهم المهن الحرّة التي توفّر لهم مقداراً من الحریة بدلاً من الاقتصار علی انتظار الوظیفة من الحكومة أو الإدارة الموجودة.
  • فتح النوادي والمراكز التي تهتمّ بمواهب الشباب واهتماماتهم وحاجاتهم.
  • تفعیل دور الإرشاد والتوجیه في المجتمع من خلال محاضرات أو ندوات یدیرها مختصّون وأكادمیون تهدف إلی توعیة الأهل بالطریقة الصّحيّة للتعامل مع الشباب.
  • وضع برامج إعلامیة خاصّة بتوجیه الشباب وبیان دورهم في المجتمع وتحسین نظرتهم إلی الحیاة وزرع الأمل والتفاؤل في نفوسهم.
  • إیجاد بدائل عن التجنید الإجباري للشباب والتعامل معهم بطریقة ترضیهم بدلاً من أخذهم قسراً فقد یكون فتح باب التطوّع أحد الحلول الناجعة.
  • توفیر بیئة ملائمة للتعلیم وإبعاده عن السیاسة والأدلجة والبحث عن اعتراف قانوني بالشهادات التي تمنح للطّلاب من خلال التواصل مع الحكومة أو المنظمات الدولیة المعنیة بالأمر كالیونسیف مثلاً وكذلك ترك الحریّة للشباب في اختیار التعلیم الذي یرغبون فیه من دون منعهم أو حرماتهم منه. 


وفي النهایة لا یمكننا أن نحصي كلّ المشكلات التي تعاني منها أهمّ شریحة في المجتمع ألا وهي شریحة الشباب في روج آفاي كوردستان، فبالإضافة إلی المشكلات الاجتماعیة والاقتصادیة فهناك مشكلات نفسیة فمعظم شباب الیوم وخاصة في المناطق التي شهدت حروباً همجیة وجرائم بشعة - وقد تمّ نشر البعض منها علی شكل فیدیوهات مصوّرة - یعانون من التّعب النفسي ویشعرون بالاكتئاب وبحالات لا یدرون فیها بالضبط ما الذي یریدونه؟ بسبب الظروف التي تمرّ بها المنطقة والاضطرابات والفوضی وحالة الحرب المستمرّة منذ أكثر من تسع سنوات.

لذلك لابدّ من الاهتمام بالشباب وتوفیر البیئة المناسبة لهم وحلّ كل المشكلات التي تعترضهم لیقوموا بدورهم المطلوب والحیوي في المجتمع ویصبحوا مساهمین فعّالین في تطویره وتنمیتة والارتقاء به نحو الرقي والتقدّم والازدهار.