للتاريخ أصابع مقطوعة (الحلقة ١)

للتاريخ أصابع مقطوعة (الحلقة ١)

أنا أيضاً إذا وجدتُ طفلاً يبكي من أجل عصفوره الّذي مات ، سوف أقعد عنده وأواسيه وأمسح دمعته وأقبّله وأنا كذلك سوف أزور جاري المريض مهما كان هذا الجار عدوانياً مؤذياً.

دائماً ما يأخذُ المسلمون آذاننا ويصدعون رؤوسنا برحمة النبيّ محمد ذاكرين لنا جوانب منها كمثال عطفه على الطفل الذي مات عصفوره ومواساته له، وزيارته لجاره اليهودي الّذي دأب على مضايقته برمي القمامة أمام باب منزله لكن ولرحمة النبي الواسعة ورغم ما بدر من اليهودي زاره في مرضه فأقنع تسامحه واتساع رحمته الرجل بدخول الإسلام.

الحوادث التاريخية تدلّ بوضوح شديد على الجريمة

يقرأُ المسلمون هذا الجانب الروحاني الإنساني فقط ويغفلون أو يخبئون الجانب الآخر المظلم (جانب الجريمة في حياة هذه الشخصية) والكثير من الحوادث التاريخية تدلّ بوضوح شديد على الجريمة بأبشع الطرق والوصول لحد المجازر الجماعية بالأمر المباشر والأمثلة عديدة ومنها:

أولاً : بنو فزارة كانوا قوماً يعادون النبي محمّدا في دعوته الإسلامية ومنهم امرأةٌ عجوز تُدعى أم قرفة كانت تهجوه وتنهره فأرسل إليها زيد بن حارثة الذي ربطها بحبلٍ بين جملين ودفع كلّاً منهما في اتجاه ليُشَقّ جسدها نصفين، فهل هناك جريمة بهذه البشاعة؟!

ثانياً : امرأةٌ أخرى كانت تُدعى عصماء بنت مروان قامت بهجاء النبي بأبيات من الشعر فقال لأصحابه (ألا آخذ لي من ابنة مروان) ولقوله ذلك تسلل إليها أحد صحبه ليلاً وقتلها بسيفه الذي نفذ من ظهرها وهي ترضعُ طفلها... لم يرأف قاتلها حتى بالطفل الصغير الذي كان يرضع من صدر أمه !!

ثالثاً: تعذيبُ كنانة بن الربيع الذي كان من يهود بني النضير ورفض أن يدلّ المسلمين على كنوز قومه فما كان من الرسول إلا أن أمر الزبير بن العوام بتعذيبه لينال منه اعترافاً ولما أصرّ الرجل على عدم الاعتراف قطعوا عنقه وفي ذات ليلة مقتله سبى الرسول زوجته واغتصبها بعد أن مرّرها على جثث زوجها وأهلها ثم تزوجها فيما بعد لجمالها وحسنها وكانت تُدعى صفية بنت حييّ .... كيف تكون امرأة مكلومة مصدومة بمقتل زوجها وأهلها مسرورة بالزواج من قاتلهم؟!!

رابعاً : مجزرة بني قريظة والتي تم فيها ذبح مئات الرجال بيوم واحد وسبي نسائهم وأطفالهم .


هذه أمثلة معدودة وكما يُقال هي غيضٌ من فيض وسيتوالى سردها والوقوف على نتائجها وحجم بشاعتها وذكر أدقّ تفاصيلها و كذلك البحث عن منفذ في العقول الجامدة المتحجرة التي ربما إن تسلل الضوء إليها تخرج من قمقمها وتتحرر من دائرة الظلام.

أبشع هذه الجرائم وأكثرها دمويّةً المجزرة التي تعرض لها يهود بني قريظة

حين تتناولُ كتاباً تاريخيّاً لتقرأه، أنت تعلمُ ضمناً أنّ التّاريخ يكتبهُ القويُّ المنتصرُ أو يكتبه مَن يواليه من الحاشية، والكتابة التّاريخيّة إن خلت من المنطق وافتقرت إلى الدلائل والإثباتات، تبقى أقوالاً مرسلة ،فارغة لا معنى لها ولا يقبلها عقل.

هكذا فعل كتّاب التاريخ الإسلامي ،وعلماؤه ، وفقهاؤه، فلو قرأت لهم جميعاً لوجدت كلّ ما كتبوه مجرّد كلام خالٍ من المنطق السليم ومؤيّدٍ لكلّ الأفعال والجرائم التي ارتُكبت على أيدي المسلمين ويالإشراف المباشر من نبيهم.

ولعلّ من أبشع هذه الجرائم وأكثرها دمويّةً المجزرة التي تعرض لها يهود بني قريظة بعد غزوة الأحزاب أو غزوة الخندق مباشرةً.

السّؤال الكبير هنا ؟ تُرى ماذا فعل هؤلاء حتّى يتمَّ ذبحهم بتلك الطريقة الجماعيّة الوحشيّة المرعبة؟!

لقد عجز جميعُ مؤرخي الإسلام وعلمائه على المجيء ولو بمبرّر واحدٍ لتلك المجزرة، كلّ أقاويلهم تدور في فلك ( لقد خان بنو قريظة الرسول وغدروا به ونقضوا العهد ) لا دليل ولا إثبات لهذه الخيانة . بل على العكس تماماً فيهود بني قريظة قدموا المعدات والآلات لحفر الخندق ، ووضعوا كلّ إمكاناتهم تحت أمر الرسول وأتباعه لمواجهة الأحزاب .

أمّا عن تفاصيل تلك المجزرة المروّعة ،فقد بدأت بمحاصرة المسلمين لبني قريظة في بيوتهم بمن فيها من نساء وأطفال وشيوخ ولم تكن أبداً معركة بين جيشين، لقد كانت حصاراً جائراً ظالماً لناسٍ آمنين مستضعفين.

واستمر هذا الحصارُ ما يقرب من شهر كامل حاول فيه بنو قريظة أن يستدرّوا عطف النبي لكن دون جدوى ، وبعد أن فشلت جميع محاولاتهم لدفع السّيف عن رقابهم وسرقة أموالهم وسبي نسائهم ، جاءت ساعة الجريمة بحكم سعد بن معاذ عليهم والذي مفاده أن يُقتَلَ كلّ مَن نبت الشّعر في عانته وأن تُسبى النساء والأطفال وتُقسم الأموال.

وتمّ بأمر محمد حفر خنادق كانت مقابر جماعية لبني قريظة حيث ضُربت فيها أعناق الذّكور وكان عدد المقتولين في تلك المجزرة من ستمئة إلى سبعمئة رجل ، لتتحول قبيلة كاملة في يوم واحد إلى عبيد وأيتام وأرامل وسبايا يتمّ اغتصابهن وبيعهن وشراءهن ولتتحول أموالها إلى غنائم يتقاسمها النبيّ وصحبه.


المصدر : مركز الدراسات والأبحاث العلمانية في العالم العربي